لكن الهدف من هذه السنة، مهما اختلفت مسمياتها، هو استكشاف مجالات جديدة أو خوض تجارب قيّمة تسهم في تأهيل الشاب للخطوة القادمة في الحياة أيا كانت.
ولاقت فكرة إجازة الانقطاع عن الدراسة لمدة سنة للترحال واستكشاف العالم رواجا بين أبناء جيل طفرة المواليد - المولودين من عام 1946 إلى عام 1964- في الوقت الذي تغيرت نظرتهم للحياة بعد التقاعد.
وانتشرت مواقع ومقالات عبر الإنترنت تخاطب المسنين وتقدم لهم النصائح عن مزايا التفرغ لمدة عام للسفر واستكشاف العالم بعد الإحالة للتقاعد، وتعرض لهم قائمة بأفضل شركات التأمين على السفر وأفضل خيارات السفر.
لا شك أن رواج الإجازات الطويلة للسفر والترحال بين كبار السن حول العالم يدر أرباحا على شركات السياحة. فقد قدرت مجموعة "مينتل" للأبحاث حجم المبالغ التي كانت تُنفق على الرحلات في إجازات الانقطاع عن العمل أو الدراسة أو التفرغ العلمي في عام 2005 بنحو 5 مليارات جنيه استرليني، وكانت قد توقعت أن يصل هذا المبلغ إلى 11 مليار جنيه استرليني بحلول عام 2010، أي منذ نحو 8 سنوات.
لكن ويل جونز، مدير تحرير موقع "غاب يير" في المملكة المتحدة، يقول إنه من الصعب تحديد حجم أرباح هذا السوق الجديد لأسباب عديدة، منها أن مفهوم الانقطاع عن الدراسة أو العمل مفهوم فضفاض ويمكن تأويله بطرق مختلفة.
ويضيف "يُستخدم مصطلح 'سنة الانقطاع عن العمل أو الدراسة' للإشارة إلى أي نوع من الرحلات الطويلة التي تتجاوز مدة الرحلات العادية، أو الإجازات التي تنقطع خلالها عن النشاط الذي اعتدت أن تمارسه يوميا، سواء كان عملا أو دراسة. ولهذا يصعب حصر عدد الرحلات التي يقوم بها الطلاب أو الموظفون أو المتقاعدون أثناء هذه الإجازة، إذ تختلف من شخص لآخر ومن بلد لآخر، ولا ترتبط بالضرورة بالسفر إلى الخارج".
لكن هناك بيانات حديثة تكشف عن زيادة إقبال الأجيال الأكبر سنا على الترحال والاستكشاف. وفي استطلاع للرأي، اكتشف باحثون من مجموعة "تشارتر كورت" للخدمات المالية بالمملكة المتحدة، أن 40 في المئة من العاملين المشاركين في الاستطلاع أبدوا رغبة في الحصول على "سنة انقطاع" أو السفر في رحلة طويلة بمجرد بلوغهم سن الإحالة إلى التقاعد.
وأجرى باحثون من أستراليا استطلاعا للرأي في عام 2016، اكتشفوا فيه أن 77 في المئة من المسنين الذين شاركوا في الاستطلاع (كان نصفهم تقريبا متقاعدين أو على وشك التقاعد) يبحثون عن رحلات غير تقليدية، تكون أكثر نشاطا ومفعمة بالمغامرات، ولوجهات أبعد وتكثر فيها الأنشطة الاجتماعية.
ويقول بول هيغز، أستاذ علم اجتماع الشيخوخة بجامعة كوليدج لندن، إن لمرحلة الشباب جاذبيتها الخاصة في نظر أبناء جيل طفرة المواليد، وهذا قد يفسر تطلع هذا الجيل للسفر والاستكشاف. ولا ننسى أن أبناء هذا الجيل هم أول من ابتدع فكرة "ثقافة الشباب" بالتمرد على قيود الجيل الذي يسبقهم، وأنهم يشعرون أن مرحلة الشباب لا يحدها سقف.
يقول هيغز "نشهد تجسيدا لأحد جوانب ثقافة الشباب في مراحل متقدمة من العمر، أو سعي بعض الشركات لاستغلال تطلعات المسنين لاستعادة الشباب من أجل جني المال".
فضل كريس هيرمان أن يمضي على نفس خطى الشباب في رحلته الطويلة خلال سنة الانقطاع عن العمل، ولكن المسافرين الأكبر سنا بشكل عام لديهم مزايا إضافية، سواء من مدخرات أو وقت أو مهارات، قد تتيح لهم إضافة لمساتهم الخاصة على إجازة الانقطاع عن العمل.
فقد استفاد برو وستيف رايت، وهما زوجان من سيدني بأستراليا في منتصف الستينيات، من مهاراتهما في مجال علم النفس الإكلينيكي والتدريس، ومزايا جواز السفر البريطاني الذي تحمله برو، وحصلا على وظائف أثناء سفرهما إلى الخارج.
واستأجر الزوجان شقة في لندن وكانا يقضيان عطلة نهاية الإسبوع في بلدان مختلفة، مثل إيطاليا وأيسلندا والمغرب وسويسرا، على متن طائرات منخفضة التكلفة، وباستخدام موقع "آير بي إن بي".
كان الزوجان يخططان للسفر في رحلة لا تتعدى ستة أشهر، ولكنها استمرت في النهاية لنحو عامين، واضطرا أن يسحبا جزءا من مدخراتهما لتغطية نفقات بعض أجزاء الرحلة.
وتقول برو "عليك أن تقدر من البداية المبلغ الذي ستحتاجه لهذه الرحلة. لقد كنا محظوظين لأننا حصلنا على وظائف برواتب مجزية".
No comments:
Post a Comment